نحن محـكومـون باليقيـن ...

نحن محكومون باليقين
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
سُـئل الكاتب المسرحي العلماني سعد الله ونوس وقد تفشى مرض السرطان في جسده :
لماذا تستمر بكتابة هذه المسرحيات و أنت تقترب من الموت ؟
فكان جوابه : ((( نحن محكومون بالأمل )))
لكن حكم الأمل لم يوقف الحكم الجبري للسرطان
فمات بعد ذلك ببضعة أيام
لأن القشة لا يمكن أن تنقذ غريق
و هاهو ذا حالنا اليوم ، معظمنا يتخذ من خيوط العنكبوت الواهية بيتاً له
و معظم الناس – إلا المؤمنين - يتمنون على الله الأماني دون الأخذ بالأسباب ،
و يسمون هذه الأمنيات الكسولة والغبية بالأمل
وفي هذا العصر الذي تتقلب فيه الأهواء و يصبح فيه الحليم حيراناً
في عصر الجنون ، و إعجاب كل ذي رأي برأيه ..
في عصر إمارة الصبيان صار الوهم هو البضاعة الفكرية الأكثر رواجاً
هناك من يبنون قلاعهم الرملية على شواطئ التنجيم و الأبراج
و هناك من يستقون معلوماتهم مما تنشره مراكز الابحاث الدولية أو الدراسات الاستراتيجية في الغرب و المحكومة اساسا بسياسات التضليل الماكر و صناعة الكذب
وهناك من يبنون نظرتهم للأمور على ما تقوله الارقام وحسابات الجُمّل او الطلاسم أو فوازير الجفر أو ما تقوله الرؤى و أضغاث الأحلام
و هناك من يهربون من بطش الحاضر إلى نبوءات المستقبل فقط كي يجدوا لأرواحهم المعذبة عزاءً و سلوى و كأن أحاديث آخر الزمان هي جرعة مخدرات لانفسهم المرهقة
و جميعهم يتمنون على الله الأماني و يتشبثون بخيوط الأمل الزائفة

و تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ
نحن المؤمنون لسنا محكومين بالأمل...
((( نحن المؤمنون محكومون باليقين )))
واليقين هو الأخذ بالحقائق واليأس مما في أيدي الخلائق
اليقين هو كلام الله الصريح وحديث النبي الصحيح
اليقين بالله و اسمائه الحسنى
اليقين بأنه هو في السماء إله و في الأرض إله
و اليقين بأنه سريـع الحساب
اليقين بأن الستار لن يسدل على هذه الأرض قبل أن يتجلى الله باسمه الجبار الذي يقصم به الجبابرة
وقبل أن يتجلى الله باسمه العدل و الحق
اليقين بقوانين الله التي يتجاهلها معظم المسلمين و يحاربنا بسلاح تجاهلنا لها أعداء المسلمين
اليقين بأن أعداءنا لا يستطيعون مهما بلغت قوتهم أن يحاربوننا بشيء خلاف قوانين الله ، أو حتى يفرضوا علينا أمراً على عكس ما قضاه الله
" يَا مُحَمَّدُ إِنِّي إِذَا قَضَيْتُ قَضَاءً ((( فَإِنَّهُ لا يُرَدُّ ))) ، وَإِنِّي أَعْطَيْتُكَ لأُمَّتِكَ أَنْ لا أَهْلِكَهُمْ بِسَنَةٍ عَامَّةً ، وَلا أُسَلِّطَ عَلَيْهِمْ عَدُوًّا مِنْ سِوَاهُمْ فَيُهْلِكَهُمْ بِعَامَّةٍ ، حَتَّى يَكُونَ بَعْضُهُمْ يُهْلِكُ بَعْضًا ، وَبَعْضُهُمْ يَقْتُلُ بَعْضًا ، وَبَعْضُهُمْ يَسْبِي بَعْضًا "
ومن عندهم هذا اليقين سيدركون بلا شك أن الصورة الآن هي في قمة الوضوح ، و أن الوقت قد أزف
أما الذين لديهم عيون لا يبصرون بها و قلوب لا يفقهون بها
فلا يوجد أحد على وجه الأرض يستطيع أن يعطيهم دروساً خصوصية في البصيرة
أحداث كثيرة لاهبة و متلاحقة جرت في بلادنا الاسلامية خلال الصيف الماضي الحار الحارق
و ما بين خرائط الدم التي ترسم لأوطاننا و أرضنا التي كانت يوماً ما رحبة ، و بين طلاسم السحر الأسود التي تعلق على ستائر الكعبة و الشياطين الملجمة التي أرسلت على الناس ، و ما بين مشاريع الهدم التي تحدق بالمسجد الأقصى
تخرج من الأدراج مخططات الحصار و الفتنة الحالقة التي تقترب من الجزيرة و من الحجاز خصوصاً .
ضعوا عينكم الأولى على المسجد الحرام والثانية على المسجد الأقصى
فرجسة الخراب تنتظر ، و اختلاف الإخوان و ظهور الرعية و حرق البيت العتيق يلوح في الأفق ..
ولا تسألو بعد اليوم عن هلكة صريح العرب
فقبل أكثر من 1400 سنة قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ويل للعرب من شر قد اقترب
أما اليوم – و قد آن الأوان - فإني أقول : ويل للعرب من شر قد وقب
كم هو بشع منظر أقوام من الصم البكم لا يعيشون زمنهم و لا يدركون طبيعة عصرهم ، و لايزالون يتطاولون في البنيان
إنه أكثر بشاعة من منظر عجوز قبيحة متصابية تنافس المراهقات بالملابس الضيقة و الإكسسوارات البراقة
أما المبصرون فسيعلمون أنه لا يوجد في هذه الدنيا ما هو أجمل من اليقين
و كل ما وعدنا به الله و رسوله هو يقين
هل تعرفون ما هو اليقين ؟
إنه هذه العبارة التي أحبها في حديث النبي عليه الصلاة و السلام :
((( ثم لا يصير إلى أحد منهم )))
هل عرفتم من المقصود بهذه العبارة ؟
اليقين هو : المحروم من حرم غنيمة كلب ولو عقالاً. والذي نفسي بيده لتباعنّ نساءهم على درج دمشق، حتى تُرَدُّ المرأة من كسرٍ يوجد بساقها
اليقين هو: لو لم يبق من الدنيا إلا يوم لطول الله ذلك اليوم حتى يبعث فيه رجلاً من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي ، واسم أبيه اسم أبي ، يملأ الأرض قسطاً وعدلاً ، كما ملئت ظلماً وجوراً