أخالفك الرأي ولست ضدك
بسم الله الرحمن الرحيم
هذا شعار ينبغي أن يتداوله الإخوة في هذا المنتدى وفي حياتهم الشخصية وفي تعاملهم مع الناس، وينبغي ان تكون قناعة حقيقية ينبسط وينشرح لها القلب. أخالفك الرأي، ولست ضدك.
الله تعالى خلق كل إنسان بعقل، وخلق مدارك وطاقات، ولو شاء لجعلهم متفقون على الدوام، ولكن الله تعالى شاء أن يختلفوا لحكمة يعلمها سبحانه، والخلاف سنة قدرية، وقد وقع خلاف كثير بين العلماء، بل حتى بين النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، فهذا عمر يقول في اسرى بدر بالقتل، يخالفه ابو بكر ويأخذ النبي صلى الله عليه وسلم برأي ابي بكر. خالفهما عمر الراي ولم يكن ضدهما. خالف عمر رضي الله عنه ابا بكر في حرب المرتدين، خالفه ولم يكن ضده، ثم رأى الحق فخضع له: فكان مع الصدّيق في الحالتين ولم يكن ضدّه.
الصحابة اختلفوا وتقاتلوا ولم يكونوا ضد بعض، بل روي أن جيش الشام والعراق في صفين كانوا يصلون معاً خلف علي بن أبي طالب رضي الله عنه لعلمهم باستحقاقه الإمامة. تَقاتل الناس في معركة الجمل ولم تكن أمنا رضي الله عنها أو الزبير أو طلحة ضد علي رضي الله عنهم، اختلفوا واجتهدوا ولم يكونوا أعداء.
هكذا العقلاء يدركون أن السنة الكونية تقتضي اختلاف الرأي، حتى في مسائل الشرع، فهؤلاء الأئمة الأربعة اختلفوا في كثير من المسائل، ولم يكونوا ضد بعض، بل أثنى اللاحق منهم على السابق، وكذلك الأئمة الكرام اختلفوا، وكان العقلاء لا يتعادون.
اختلِف مع أخيك ولا تكن ضده، لا تعاديه أو تزدريه لأنك خالفته أو خالفك، بل قل: هذه طبيعة البشر يختلفون، قل: رأيي صواب عندي ويحتمل الخطأ، ورأيك خطأ عندي ويحتمل الصواب، والله أعلم بالصواب. من كان كلامه وحي فهو معصوم، وهذا لا ينبغي لنا الاختلاف معه، فمن كان معصوماً فليخبرنا حتى لا نقع في معصية مخالفته، اما غير المعصوم فيسعنا الاختلاف معه مع بقاء الود والأخوة والولاء الشرعي. والعاقل: من يستفيد من الرأي المخالف بتوسيع مداركه، فليس مخلوق يستطيع الوصول إلى كل الحق بعقله.
اللهم ألّف بين قلوب المسلمين واجمع كلمتهم ووحّد صفوفهم