الجهات الأربع في أحاديث آخر الزمان
(اليمن ، الشام ، المغرب ، المشرق)
(7) المغرب الأقصى : ثياب الصوف
عن نافع بن عتبة ، قال :
كنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في غزوة ، فأتى النبي - صلى الله عليه وسلم - قومٌ من قبل المغرب ، عليهم ثياب الصوف ، فوافقوه عند أكمة ، فإنهم لقيام ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - قاعد .
فقالت لي نفسي : ائتهم فقم بينهم وبين رسول الله كي لا يغتالونه ، ثم قلت : لعلَّهُ نَجِيٌّ معهم ،
فأتيتهم فقمت بينهم وبينه ، فحفظت منه أربع كلمات ، أَعُدُّهُنَّ في يدي ، قال ( أي : رسول الله صلى الله عليه و سلم) :
1- تَغْزُونَ جَزِيرَةَ الْعَرَبِ فَيَفْتَحُهَا اللَّهُ
2- ثُمَّ فَارِسَ فَيَفْتَحُهَا اللَّهُ
3- ثُمَّ تَغْزُونَ الرُّومَ فَيَفْتَحُهَا اللَّهُ
4- ثُمَّ تَغْزُونَ الدَّجَّالَ فَيَفْتَحُهُ اللَّهُ
قال نافع : لا نرى الدجال يخرج حتى تفتح الروم
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
هذه الفتوحات الأربع المذكورة في هذا الحديث و التي حفظها الصحابي نافع بن عتبة و صار يعددها على أصابع يده حسب تسلسل ذكر النبي لها من فتح جزيرة العرب ثم فارس ثم الروم ثم الدجال هي فتوحات سيقوم بها المهدي في آخر الزمان كما جاء ذلك في أحاديث أخرى متفرقة
فتحت قيادته سيُـعاد فتح جزيرة العرب وفارس ورومية ، في الزمن الذي يعود فيه الإسلام غريباً كما بدأ غريباً (و نعود كمسلمين من حيث بدأنا ) والمهدي طبعاً سيشهد مع المسيح ابن مريم في آخر الزمان فتح الدجال
لذلك الرأي الأكثر قبولاً عند عامة العلماء هو أن هذه الفتوحات الأربعة المتسلسلة المذكورة في هذا الحديث هي فتوحات مستقبلية ستحدث عندما تعود الخلافة على منهاج النبوة وأن الذين سيقومون بهذه الفتوحات هم المجاهدون الذين سيحاربون تحت راية المهدي
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لكن هناك فريق آخر من العلماء يرى أن هذه الفتوحات هي فتوحات ممتدة عبر عمر الأمة و ليست خاصة أو محصورة بزمن المهدي فقط
و هذا الفريق يرى أننا بالفعل شهدنا إعادة فتح جزيرة العرب في عهد أبو بكر الصديق من خلال حروب الردة ، و فتح فارس في زمن الفاروق عمر و فتح الروم في زمن السلطان العثماني محمد الفاتح ..
و يبقى فتح الدجال هو الوحيد الذي لم يتحقق و ينتظر المهدي و عودة عيسى بن مريم
و حجتهم في ذلك هو أن التاريخ أثبت تسلسل وقوع الفتوحات الثلاثة الأولى بنفس الترتيب الذي ذكره الرسول هنا ، و أن تلك الفتوحات التي عددها الحديث مفصولة بحرف العطف ( ثم ) و الذي يفيد التراخي بالزمن
أي أن هناك حقبة زمنية تفصل بين فتح و آخر
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لكن هذا الرأي هو رأي أقلية ، و فصل الفتوحات بحرف العطف ( ثم ) لا يمنع أن الفتوحات يمكن أن تكون في آخر الزمان عندما تعود الخلافة على منهاج النبوة ، و أن يكون بينها سنوات أو حتى أشهر
كما أن رأيهم هذا يتناقض مع الأحاديث الأخرى التي ذكرت فتوحات المهدي في آخر الزمان ، وفتح جزيرة العرب و النصر على بعث كلب ، وفتح فارس و فتح القسطنطينية بعد الملحمة و الذي سيكون فيه 70 ألفا من بنو اسحق (أو المسلمون من أهل الغرب الأوربي) و أيضا فتح رومية (أو روما ) قبل أن يخرج الدجال من غضبة يغضبها
و السبب في عدم فهم هذا الحديث على حقيقته من قبل أصحاب هذا الرأي هو أنهم يذكرون هذا الحديث بعد حذف قصته ، رغم أن قصة هذا الحديث هي (كلمة السر )
فالسياق التاريخي الذي روي فيه ، والمكان الذي قيل فيه ، و الأشخاص المغاربة الذين وجه لهم هذا الحديث هي المفاتيح لفهمه على حقيقته
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فالرسول - صلى الله عليه وسلم - بشّر رجالاً كانوا قادمين من قبل المغرب بهذه الفتوحات ، ولم يبشّر غيرهم من الصحابة ، فلم يتكرر هذا الحديث مرة أخرى بهذا الشكل الذي يتضمن تسلسلاً زمنياً للأحداث مع غيرهم من الناس ، فالحديث كان موجه لقوم من المغرب و هذا يدل على خصوصية هؤلاء القوم بالبشرى و الفتح
فما قصة هذا الحديث ؟
ومن هم هؤلاء القوم القادمون من قبل المغرب ؟
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الصحابي نافع بن عتبة كان مع الرسول في غزوة تبوك ، و كانت هذه الغزوة هي آخر غزوة غزاها النبي في حياته بعد فتح مكة في السنة التاسعة للهجرة ، و سميت بـ "غزوة العسرة" لأن المسلمين لاقوا فيها الشدة وعسر الحال، حيث تمت في صيف شديد الحرارة و كانت المسافة بعيدة ، فتبوك تقع في أقصى الشمال الغربي للجزيرة العربية من جهة خليج العقبة على تخوم الشام (أو تخوم الروم في ذلك الوقت )
و قد خرج الرسول عليه الصلاة و السلام بنفسه في هذه الغزوة رغم أنه قد بلغ عمره 62 سنة تقريبا و استخلف ابن عمه علي رضي الله عنه في المدينة ،
و سبب الغزوة هو أن الروم بعد فتح مكة و مبايعة قبائل الجزيرة للنبي و دخول الناس في دين الله أفواجا ، قرروا إنهاء القوة الإسلامية الصاعدة فحشد هرقل 40 ألفا من الجنود الروم مع حلفاءهم من القبائل العربية النصرانية ، و عسكروا في البلقاء في جنوب الشام و القريبة من تبوك
و استطاع الرسول- عليه الصلاة و السلام - بعد عسرة أن يحشد 30 ألفاً من المسلمين ومن القبائل العربية حديثة العهد بالإسلام
و انتهت المعركة بلا صدام او قتال لأن الجيش الروماني تشتت و فرّ من المواجهة
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أخبار هذا النصر حطمت الهيبة العسكرية للروم في شمال الجزيرة العربية و الشام ، فتخلى حلفاء الروم عنهم وتحالفوا مع العرب المسلمين القوة الصاعدة الجديدة ،
فحققت هذه الغزوة انتصاراً للمسلمين بالرغم من عدم الاشتباك مع الروم و خضعت على أثر ذلك القبائل العربية النصرانية في شمال الجزيرة و جنوب بلاد الشام و التي كانت تدين بالولاء للروم كـدومة الجندل ، و إيلات العقبة (مدينة العقبة حاليا ) وكتب رسول الله بينه وبينها كتابًا يحدد ما لهم وما عليهم و طريقة دفع الجزية
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
و بينما كان المسلمون يستعدون للعودة للمدينة رأى الصحابي نافع بن عتبة (من بعيد ) أناساً قادمين من قبل المغرب ، ذوي ملامح غريبة على سكان الجزيرة ، و يرتدون ملابس الصوف في وقت الصيف ، ثم وافقوا الرسول صلى الله عليه وسلم عند أكمة كان يجلس في ظلها و صاروا يتحدثون إليه و هم قيام و الرسول لا يزال قاعداً
فشك الصحابي اليقظ فيهم لغرابة أشكالهم عليه و لزيهم ، و حدثته نفسه أن يأتهم خوفا على رسول الله أن يتم اغتياله من قبلهم ، وخاصة أن غزوة تبوك كانت قد وضعت أوزارها للتو
و عندما اقترب منهم سمع النبي يبشر هؤلاء الأغراب ( القادمين من قبل المغرب) بفتح جزيرة العرب مما يؤكد أنهم لم يكونوا من جزيرة العرب لأنهم لو كانوا كذلك فليس من المنطقي أن يبشرهم بغزو جزيرتهم و فتحها ، وخاصة أن الفتح تم للتو في عهد النبي عليه الصلاة و السلام
ثم بشرهم بفتح فارس ثم بفتح الروم ثم بفتح الدجال في إشارة إلى حدوث كل تلك البشريات في زمان واحد وأنهم سيكون لهم دورٌ كبير و أساسي في تلك الفتوحات
لكن السؤال المهم هو من هم أولئك القوم ؟
و من أين أتوا ؟
و السؤال الأهم هو لماذا جاءوا إلى تبوك في ذلك الوقت ؟
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كما سبق و قلت ، هم بكل تأكيد ليسوا عرباً ، لأنهم لو كانوا من الجزيرة العربية لما أنكرهم الصحابي من سحنتهم ، و لا من زيهم الذي يلبسونه و لما بشرهم الرسول - صلى الله عليه و سلم - بغزو جزيرة العرب
فمن هم إذن هؤلاء القادمون من قبل المغرب ؟
لتفسير ما المقصود بالمغرب في هذا الحديث ذهب المفسرون في عدة اتجاهات مختلفة
و للأسف كان الدافع للتفسير هو إتباع الهوى الإقليمي ، و ادعاء الاصطفاء الإلهي بشد اللحاف جهة بلدهم
لذلك قد ضلّ معظمهم عن رؤية الصورة بسبب إتباع الهوى ، فالله سبحانه و تعالى يقول:
"وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا "
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الفريق الأول يقول أنهم أهل الشام و لديهم ثلاث مبررات لزعمهم هذا
أولا - الشام تقع على تخوم المكان الذي صار فيه الحدث (تبوك)
ثانيا - عدم ذكر الشام من ضمن الفتوحات و بالتالي الفتوحات ستنطلق منها
*و لاسيما أن هناك أحاديث أخرى كثيرة تؤكد أن فتوحات المهدي ستنطلق من الشام أي قريبة جداً من المكان الذي بشر به هؤلاء القوم بالفتوحات
ثالثا - كان يطلق - أحياناً - و بصورة مجازية عند بعض أهل المدينة صفة (أهل الغرب) على أهل الشام ، رغم أن الشام لا تقع إلى الغرب من المدينة ، لكن ربما مبرر إطلاق هذه الصفة على أهل الشام أحياناً لاختلاطهم بالروم (الغربيين) و الله اعلم
فهل هؤلاء القوم هم حقاً أهل الشام؟
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أنا أقول لا
لا يمكن أن يكون هؤلاء المغاربة الذين بشرهم الرسول -صلى الله عليه و سلم - بسلسلة الفتوحات هم أهل الشام ،
لكن الحق أولى أن يتبع فهذا الرأي لا يستقيم لأربعة أسباب جوهرية
أولاً - كما يعرف الجميع - أنّ الشام تقع إلى الشمال من الحجاز ، و إلى الشمال الشرقي من تبوك المكان الذي دارت فيه أحداث هذا الحديث
و إذا مددت خطاً طولياً مبتدئاً بتبوك و الخط يصعد نحو الشمال ستجد أن 90% من الأراضي الشامية تقع إلى الشرق من هذا الخط
فلو كانوا من أهل الشام كانوا سيأتون من جهة الشمال أو الشمال الشرقي
و الصحابي قال أنهم كانوا قادمين من قبل المغرب
ثانيا : غزوة تبوك كانت في الصيف وأهل الشام لا يلبسون الصوف في الصيف
ثالثا : سحنة أهل الشام ليست غريبة على أهل الجزيرة العربية و أهل الشام ليسوا مجهولي الهوية فلو كانوا من الشام لذكر الصحابي ذلك تصريحاً
رابعا - عودة الخلافة على منهاج النبوة من الشام و انطلاق الفتوحات من أرضها لا يعني أن من سيقوم بتلك الفتوحات هم أهل الشام بشكل رئيسي
فالخلافة كما ستعلمون ستكون عالمية و سيكون فسطاط المسلمين فيها و ستعج بالمجاهدين من شتى أصقاع الأرض ،
و اليوم يوجد مجاهدين كثر في الشام و لاسيما من المغرب العربي و خصوصاً تونس و مراكش
كما أنه في سرة الشام - دمشق - ستلتقي الرايات الصفر القادمة من المغرب مع الرايات السود القادمة من المشرق قبل أن يبايع المهدي بفترة لا بأس بها من الزمن ، فضلاً على أنه ستكون هجرة بعد هجرة و خيار أهل الأرض ألزمهم مهاجر إبراهيم
بالإضافة الى أن بيعة المهدي ستحدث بعد هلكة العرب فالمهدي لا يظهر حتى " يُـقتل ثلث و يموت ثلث و يبقى ثلث"
و الأحاديث المتواترة تذكر أن جُـلّ الباقين من العرب في ذلك الوقت سيكونون في الشام في أكبر عملية استبدال منذ أن خلق الله الأرض
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
هناك فريق آخر يقول أنّ هؤلاء القوم هم أهل السودان
و حجتهم بذلك انّ السودان تقع إلى الغرب من مكة و المدينة و أنّ سحنتهم الأفريقية الغريبة هي التي جعلت الصحابي يرتاب منهم في البداية
لكن هذا الرأي أيضا لا يستقيم لأربعة أسباب:
أولا - لأن الحدث وقع في تبوك و ليس في مكة ، و السودان لا يقع إلى الغرب من تبوك
ثانيا - السودان و الحبشة لا يلبسون الصوف ، لا صيفاً و لا شتاءاً
ثالثا - سحنة السودان و الحبشة ليست غريبة على أهل الجزيرة لأنهم معتادين عليهم منذ قديم الأزل و متداخلين معهم ديموغرافياً
رابعا - لماذا يأتي السودان إلى شمال الجزيرة العربية و يقطعون كل هذه المسافة في ذلك الصيف اللاهب ؟
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
هناك فريق ثالث يقول أنهم من أقباط مصر جاؤوا مبايعين بعد أن سمعوا بهزيمة الروم المدوية
و حجتهم في ذلك هي أنّ مصر هي أقرب بلد يقع إلى الغرب من تبوك ، و لأن النبي لم يذكر مصر من ضمن الأقاليم التي ستفتح
و لأنه جاء في حديث صحيح رواه الطبراني ، و كذلك الحاكم في المستدرك عن عمرو بن الحمق قول رسول الله صلى الله عليه وسلم :
" تكون فتنة أسلم الناس فيها الجند الغربي "
فقال عمرو بن الحمق فلذلك قدمت عليكم مصر
فقد فسر هذا الصحابي الجند الغربي - في ذلك الوقت - بأرض مصر
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لكن هذا الرأي لا يستقيم أيضاً
اولا - لان سحنة أهل مصر ليست غريبة على الصحابة و لكون اسم مصر معروف و متداول وكان بسهولة يستطيع أن يقول الصحابي صراحة ً قوم من مصر أو من القبط
ثانيا - أهل مصر لا يرتدون ثياب الصوف أيضاً و ملابسهم من الكتان أو القطن
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إذن لم يبقَ إلا المغرب الأقصى و هذا هو الاحتمال الأرجح لمن يتبع النظرة البانورامية الشاملة في دراسة الأحاديث النبوية
لكن لماذا هم أهل المغرب ؟
حسناً ، في ذلك الوقت الذي حدثت فيه غزوة تبوك كانت الشام كما هو معلوم تحت حكم الروم (الأرثوذكس) وعاصمتهم القسطنطينية ، و كان العراق تحت الهيمنة الفارسية المجوسية ، فيما كان السودان تحت النفوذ الحبشي من أتباع الكنيسة المشرقية (اليعاقبة)
لكن ماذا عن المغرب العربي ؟
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المغرب الكبير في ذلك الوقت - قبل الفتوحات الإسلامية - كان يقطنه خليط متداخل من الأعراق ، من أحفاد الفينيقيين العرب الذين أتوا من الساحل الشامي ، و القبائل البربرية القادمة من الصحراء و من جهات مختلفة أخرى ، بالإضافة إلى الرومان و شعوب البحر المتوسط الذين كانوا يشكلون الطبقة الحاكمة في ذلك الوقت ،
فقد كان المغرب و معظم حوض المتوسط الغربي تحت حكم الرومان الكاثوليك ( في روما)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
و بالإضافة الى الكاثوليك كانت توجد في المغرب كذلك طائفة الآريسيون التي لا تؤمن بألوهية المسيح عيسى بن مريم ، و تقول انه مخلوق خاضع للآب الأزلي الذي في السماء
و قاد هذه الحركة التوحيدية التي رفضت التثليث كاهن ليبي من البربر اسمه آريوس عاش في القرن الرابع الميلادي
نشر هذا الكاهن المغاربي أفكاره التوحيدية المعارضة لقرار مجمع نيقية المسكوني للأساقفة الذي صوّت على ألوهية المسيح في عام 325 م في عهد الامبراطور قسطنطين و قرر المجمع أنّ "يسوع المسيح هو إله ، و هو ابن الله الوحيد ، وأن الآب والابن والروح القدس متساوون في الجوهر ومن طبيعة واحدة هي الطبيعة الإلهية: إله من إله ، نور من نور، إله حق من إله حق، و أن يسوع مولود غير مخلوق ، مساوٍ للآب في الجوهر "
و رغم أن أسقفان من الأساقفة الذين حضروا مجمع نيقية رفضوا الاعتراف والتوقيع على قانون الإيمان الذي صاغه لكنه لا يزال الدستور المقدس في مختلف الكنائس حتى اليوم
و أدان ذلك المجمع الحركة الآريوسية رسميًا ،فبيان المجمع يقول :
أما أولئكَ الذين يقولون كان هناك وقتُ فيه الكلمة لم يكن ، و قبل أن يولَد لم يكن ، أولئك الكنيسة الجامعة تحرمهم
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لذلك تعرض أتباع آريوس الموحدون الذين أطلق عليهم اسم الأريسيين إلى اضطهاد كبير من قبل الكنيسة الكاثوليكية في روما التي اعتبرت هذه التعاليم هرطقة و قامت بإحراقهم بصورة وحشية وكذلك كان موقف الكنيسة القبطية في مصر و الكنيسة الأرثوذكسية في القسطنطينية
وهناك بعض الباحثين ذهب إلى أن هؤلاء القوم الذين رآهم الصحابي قادمين من المغرب و الذين تحدث معهم الرسول تحت أكمة في تبوك هم من بقايا الطائفة الأريوسية ( الأريسيين)
النبي – صلى الله عليه وسلم – عندما أرسل كتابه إلي هرقل
كتب فيه :
" من محمد رسول الله ، إلى هرقل عظيم الروم ، أسلم تسلم ، وإلا فإن عليك إثم الأريسيين"
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
و قد يكون هؤلاء الأريسيين المغاربة كانوا في رحلة حج إلى الأرض المقدسة ، وعندما سمعوا بحشد الروم ضد النبي العربي على تخوم الشام القريبة قرروا المجيء إليه
و ما يعزز هذا الرأي أن أهل المغرب منذ القدم يلبسون ثياباً مصنوعة من الصوف صيفاً و شتاءاً ، و يطلق عليها حالياً اسم الجلابة.
و بالإضافة إلى الزي الغريب الذي لم يعهده الصحابي من قبل ، نظراً لبعد المسافة عن الجزيرة العربية ،هناك أيضاً السحنة المختلفة لهؤلاء القوم بسبب اختلاطهم بالرومان
إذن كلمة " المغرب " في هذا الحديث تعني " المغرب " ، ولا تعني الشام و لا مصر أو السودان
فهذا الحديث يتعلق بآخر الزمان ، و معنى كلمة " المغرب " في هذا الحديث هو نفس المعنى الذي تدل عليه كلمة " المغرب" في آخر الزمان
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
هل هذا يعني أن جيش المهدي سيكون قوامه الرئيسي من المغاربة ؟
و هل سيقوم المجاهدون من أهل المغرب بغزو جزيرة العرب و فارس و الروم و الدجال ؟
و هل يوجد أحاديث أخرى عن المغرب الكبير في آخر الزمان تكمل لنا الصورة؟
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الجواب هو : نعم