من المؤكد أن كل منا قد مر بلحظات عصيبة قاسية.. تزلزلكيانه.. و تدمر قلبه
و روحه..
لحظات حيث يجد الإنسان نفسه في قمّة الانهيار و اليأس..
ويظن أن كل أبواب الأمل قد أقفلتفيعينيه..
وأن حياته أصبحت مجرد نفق مظلم مليء بالأشواك ..
هي فترة قد تطول و تقد تقصر حسب شخصية الإنسان ومحيطه..
وحسب قدرته على الاحتمال و الصبر ..
فالسقوط بإمكانه أن يكون في بعض الأحيان بداية لنهايةأليمة..
لكنه أيضا بإمكانه أن يكون دافعا.. وحافزا
للتميّز و الإصرار و التحدي.. بل سببا لجعلنا أكثر نضجاو مسؤولية...
مهما كانت حجم خسارتك .. مهما كان عمق جرحك.. فالزمن كفيل
دائما بأن يخفّف هذه الخسارة..
والصبر قادر على أن يلملم الجراح..
- إن تعرضت للخيانة من صديق أو قريب فلا تغضب ولا تفقد ثقتك بالآخرين..
احرص على حسن انتقاء
أصدقاءك و رفاقك .. حاول أن تنعم ببعض الخصوصية .. ولاتشارك أسرارك جميع
من تلتقي..
وتعامل معهم بذكاء و احتراز.. فليس كل الناس جديرين بالثقة.. ولا تجعل تجربة
واحدة تحطّم معنوياتك و تعزلك عن العالم الخارجي... فالعمر قصير ولايجب تضييعه
في الانغلاق على النفس..
- إن أحسست بمرارة الفشل.. و لم تذق طعم النجاح.. لاتحزن.. لا تربط ذلك بسوء
الطالع أو بنقص الحظ..
لأن النجاح يأتي بفضل المثابرة و البذل و العطاء... بالإضافة إلى الصدق في العمل.
لذلك حاول معرفةسبب فشلك.. ماديا كان أم معنويا.. واعمل على تلافيه..
ولا تخجل من سؤال أصدقائك و رفقائك في
العمل او الدراسة.. لأنه مثلما احتجتهم أنت حتما سيحتاجونك يوما..
- إن جرحك أحد أحبابك أو أصدقائك.. لا تفقد توازنك.. حاول فهم الأسباب التي
جعلته يجرحك.. فربما تكون أنت أيضا قد أخطأت في حقه دون أن تشعر.. أو ربما
بدرمنك ما لم يرقه فكانت ردّة فعله تلقائية..
لذلك لا تتسرع قبل الحكم وتصرف بعقلانية وحكمة
- إن قال لك الطبيب أنك تعاني مرضا خطيرا.. أو أن أحدأحبابك مريض.. لا تيأس..
واعلم أن الذي خلق الداء قد خلق الدواء..
فكم من مريض كان يشارف على الموت قد شفي.. و كم من مقعد استطاع
المشي بعد ان تملّكه اليأس..
فرحمة الله واسعة ، والعلم اليوم قد تطور كثيرا ولم يعد هناك شيء اسمه مستحيل..
فالمستحيل هو أن نعيش في ظل اليأس والقنوط... فقط تمسّك بحبل الله.. و داوم
على العلاج بإقبال و تفاؤل.. وارفع من معنوياتك لأن لها نسبة كبيرة في تحقيق
الشفاء بإذن الله
قال تعالى(يَآأَيّهَاالّذِينَ آمَنُواْ اسْتَعِينُواْ بِالصّبْرِ وَالصّلاَةِ إِنّ اللّهَ مَعَ الصّابِرِينَ)
-إن أوشكت على الإفلاس.. و أصبحت تعاني الفقر والخصاصة... فلا تقنط من رحمة
الله.. فهو الرزّاق الوهاب.. وحاول ان تعمل ولو بأجر زهيد.. الأهم من ذلك أن تخلص
نيتك لله تعالى و تحمده ليلا نهارا ..وتدعوه بأن يفرج ضيقك..
وأن تتّسم بالقناعة .. و ترسم ابتسامة الأمل على شفاهك دائما..
قال تعالى(وَمَا مِن دَآبّةٍ فِي الأرْضِ إِلاّ عَلَى اللّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا
كُلّ فِي كِتَابٍ مّبِينٍ)
- إن فارقت أهلك و وطنك و صرت مغتربا.. فلا تتألم.. واعلم بأنك مغترب من أجل
العمل أو الدراسة أو تكوين أسرة..
انظر إلى الجزء الممتلئ من الكأس وليس الفارغ منه.. وحاول أن تجعل
سفرك و اغترابك هذا مصدرا لإثراء تجاربك و اكتسابك القوةوالنضج الفكري بفضل
التعرف إلى ثقافات و تقاليد أخرى..
كما أن الفراق يعلّم الصبر .. و يحسّسنا فعلا بقيمة أهلنا و وطنا ..
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
عَجَبًا لِأَمْرِ الْمُؤْمِنِ إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ وَلَيْسَ
ذَاكَ لِأَحَدٍ إِلَّا لِلْمُؤْمِنِ : إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ ، وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ
فَكَانَ خَيْرًا لَهُ)
- إن مات شخص عزيز عليك.. فلا تجزع.. وإعلم أن لكل بدايةنهاية.. وأن الفراق هو
سنّة الحياة..
تلك هي الدنيا.. كلّ ما عليها فان.. أناس يموتون و آخرون يولدون...
عد إلى الله و اصبر.. واجعل سلاحك في مجابهة كل هذه المصائب القرآن
الكريم.. فلست أنتأول ولا آخر إنسان يفقد قريبا..
ذلك هو مصيرنا جميعا ولا يعلم أي منا في أية لحظة يغيبه الموت..
قال الله تعالى
مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ
قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ * لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا
آَتَاكُمْ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ)
اجعل أقسى التجارب في حياتك أكثرها دافعا لك حتى تجعل شخصيتكأ كثر نضجا
و دراية..
لا تغرق في بحراليأس و القنوط.. فمن اراد ذلك سيعيش حياته في اضطراب
وحيرة.. و عجز أن يحقق ولو خطوة
واحدة ناجحة في حياته..
دعك من الماضي الأليم .. انظر إلى المستقبل المشرق..
انس كل أحزانك و لا تقلق ..
حاول أن تنظر إلى الأيام المقبلة في حياتك وحاول ترميم معنوياتك شيئا فشيئا ..
فالأيام التي مرّت قد ذهبت ولن تعود.. والشّيء الذي انكسر من الاستحالة إعادته
مثلما كان .. لكن بإمكاننا ترميمه ..
تأمّلوا معي في هذه الآيات الكريمة و انظروا إلى مكانة الصّابرين عند الله تعالى
(وَلَنَبْلُوَنّكُمْ بِشَيْءٍ مّنَ الْخَوفْ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مّنَ الأمَوَالِ وَالأنفُسِ وَالثّمَرَاتِ وَبَشّرِ
الصّابِرِينَ *الّذِينَ إِذَآ أَصَابَتْهُم مّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنّا للّهِ وَإِنّآإِلَيْهِ رَاجِعونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ
صَلَوَاتٌ مّن رّبّهِمْ وَرَحْمَةٌوَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ)
احمد ربّك دائما على نعمه العديدة.. وتذكر أن هناك العديد ممن هم
أسوأمنك حالا..
اذكر الله كثيرا و اجعل ثقتك به كبيرة .. فمن فقد ثقته بالله قد حتّم على نفسه
العيش دائما في دوّامة اليأس..
في امــــــــــــــــــــان الله