تمهيد كانت الجزائر قبل الاستعمار سيدة البحر الأبيض المتوسط فقد كان لها أسطول ضخم يخاف منه كل أعدائها ، وقد تحطم هذا الأسطول في معركة نافرين قرب اليونان عام 1827لم تدخل فرنسا الجزائر بسهولة بل كانت هناك ثورات شعبية عديدة في كل إقليم وقفت في وجهها وقد عرقلت تقدم الاحتلال منذ دخولهم .لم يتجاوب الشعب الجزائري مع السياسة الفرنسية في جميع الجهات بدون استثناء، لا سميا في المناطق التي عرفت ضغطا فرنسيا مكثفًا لتحويل اتجاهها الوطني، فلم يكن للإعانات ولا المساعدات التي تقدمها الإرساليات التبشيرية ولا للتعليم الذي وفرته المدرسة الفرنسية، ولا للمستوطنين الفرنسيين، ولا للمهاجرين الجزائريين الذين تنقلهم السلطات للعمل في فرنسا أثر في فرنسة الشعب الجزائري المسلم، وهو ما دفع مخططي السياسة الفرنسية إلى اتهام الجزائريين بأنهم شعب يعيش على هامش التاريخ. فكان الشعب الجزائري يعيش حالة مزرية جوع و نقص في المؤونة مما أدى إلى انتشار الأمراض، المجاعة ، البطالة كما تفننت فرنسا في تعذيب الجزائريين في المحتشدات دون رحمة و الاعتقالات العشوائية و ارتكاب المجازر وكذلك أخرجت الكثير من الناس من دينهم الإسلامي، ووسائل كثيرة لا تخطر على البال ، مما أدى إلى ظهور و تشكيل العديد من الجمعيات ، المؤسسات و الرابطات برئاسة العديد من العلماء و السياسيين الجزائريين و الدعوة إلى تكتف الشعب الجزائري و الصمود في وجه العدو الكاسر .مؤسسو جمعية العلماء المسلمين
العلامة عبد الحميد بن محمد المصطفى بن المكي بن محمد كحول بن الحاج علي النوري بن محمد بن محمد بن عبد الرحمان بن بركات بن عبد الرحمان بن باديس الصنهاجي أحد رواد النهضة الجزائرية ولد سنة (1889 بقسنطينة( وقد وهب حياته في خدمة الجزائر وكرس حياته في العلم والمعرفة واتصالاته بكبار العلماء نشأ ابن باديس في بيئة علمية، فقد حفظ القرآن وهو في 13سنة، ثم تتلمذ على يد الشيخ أحمد أبو حمدان الونيسي، فكان من أوائل الشيوخ الذين كان لهم أثر طيب في اتجاهه الـديـنـي ، ولا ينسى ابن باديس أبداً وصية هذا الشيخ له: " اقرأ العلم للعلم لا للوظيفة "، بل أخذ عليه عهداً ألا يقرب الوظائف الحكومية عند فرنسا. عام 1908 م قرر ابن باديس بدأ رحلته العلمية الأولى إلى تونس، وفى رحاب جامع الزيتونة الذي كان مقراً كبيراً للعلم والعلماء و الذي تخـرج منه عام 1912 حيث شرع على الفور بإلقاء دروس في الجامع الكبير في قسنطينة إلى أن تبلورت لديه فكرة تأسيس جمعية العلماء المسلمين، واهتماماته كثيرة لا يكتفي أو يقنع بوجهة واحدة، فاتجه إلى الصحافة، وأصدر جريدة المنتقد عام 1925 م وأغلقت بعد العدد 18 ، فأصدر جريدة الشهاب الأسبوعية ، التي بث فيها آراءه في الإصلاح، واستمرت كجريدة حتى عام 1929 م ثم تحولت إلى مجلة شهرية علمية، وكان شعارها : " لا يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح بها أولها "، وتوقفت المجلة في (أيلول عام 1939 م) بسبب اندلاع الحرب العالمية الثانية، وحتى لا يكتب فيها أي شيء تريده الإدارة الفرنسية تأييداً لها، وفي سنة 1936 م دعا إلى مؤتمر إسلامي يضم التنظيمات السياسية كافة من أجل دراسة قضية الجزائر، وقد وجه دعوته من خلال جريدة لاديفانس التي تصدر بالفرنسية، واستجابت أكثر التنظيمات السياسية لدعوته وكذلك بعض الشخصيات المستقلة ، وأسفر المؤتمر عن المطالبة ببعض الحقوق للجزائر، وتشكيل وفد سافر إلى فرنسا لعرض هذه المطالب وكان من ضمن هذا الوفد ابن باديس والإبراهيمي والطيب العقبى ممثلين لجمعية العلماء، ولكن فرنسا لم تستجب لأي مطلب وفشلت مهمة الوفد. شخصية ابن باديس شخصية غنية ثرية و من الصعوبة في حيز ضيق من الكتابة الإلمام بكل أبعادها و آثارها ، فهو مجدد و مصلح يدعو إلى نهضة المسلمين و يعلم كيف تكون النهضة. يقول " إنما ينهض المسلمون بمقتضيات إيمانهم بالله و رسوله إذا كانت لهم قوّة ، و إذا كانت لهم جماعة منظّمة تفكّر و تدبّر و تتشاور و تتأثر ، و تنهض لجلب المصلحة و لدفع المضرّة ، متساندة في العمل عن فكر و عزيمة " .كيفية تاسيس الجمعية
تأسست جمعية العلماء المسلمين الجزائريين يوم (5 مايو 1931) في (نادي الترقي) بالعاصمة الجزائر إثر دعوة وجهت إلى كل عالم من علماء الإسلام في الجزائر، من طرف (هيئة مؤسسة) مؤلفة من أشخاص حياديين ينتمون إلى نادي الترقي غير معروفين بالتطرف ، لا يثير ذكرهم حساسية أو شكوكا لدى الحكومة ، ولا عند الطرفيين . و قد أعلنوا : أن الجمعية دينية تهذيبية إصلاحية تسعى لخدمة الدين والمجتمع ، لا تتدخل في السياسة ولا تشتغل بها.تبنى الدعوة وحضر الاجتماع التأسيسي أكثر من سبعين عالما ، من مختلف جهات الجزائر ، ومن شتى الاتجاهات الدينية والمذهبية : ( مالكيين و اباضيين, مصلحين وطرفيين, موظفين وغير موظفين) ، وانتخبوا مجلسا إداريا للجمعية من أكفأ الرجال علما وعملا، يتكون من ثلاثة عشر عضوا برئاسة الشيخ ابن باديس ، الذي لم يحضر إلا في اليوم الأخير للاجتماع وباستدعاء خاص مؤكد ، فكان انتخابه غيابيا.لم يكن رئيس الجمعية ولا معظم أعضاء مجلسها الإداري من سكان العاصمة ، لذلك عينوا (لجنة للعمل الدائم) ممن يقيمون بالعاصمة ، تتألف من خمسة أعضاء برئاسة عمر إسماعيل ، تتولى التنسيق بين الأعضاء ، وتحفظ الوثائق وتضبط الميزانية وتحضر للاجتماعات الدورية للمجلس الإداري .لم يحضر ابن باديس الاجتماع التأسيسي للجمعية من الأول ، وكان وراء ذلك هدف يوضحه الشيخ خير الدين أحد المؤسسين الذي حضر الجلسات العامة والخاصة لتأسيس الجمعية ، و الذي يقول : " كنت أنا والشيخ مبارك الميلي في مكتب ابن باديس بقسنطينة يوم دعا الشيخ أحد المصلحين (محمد عبابسة الاخضري) وطلب إليه أن يقوم بالدعوة إلى تأسيس (جمعية العلماء المسلمين الجزائريين) في العاصمة وكلفه أن يختار قلة من (جماعة نادي الترقي) الذين لا يثير ذكر أسمائهم شكوك الحكومة ، أو مخاوف أصحاب الزوايا ، وتتولى هذه الجماعة توجيه الدعوة إلى العلماء لتأسيس الجمعية (في نادي الترقي بالعاصمة) حتى يتم الاجتماع في هدوء وسلام ، وتتحقق الغاية المرجوة من نجاح التأسيس ". ويقول الشيخ خير الدين : " وأسر إلينا ابن باديس أنه سوف لن يلبي دعوة الاجتماع ولا يحضر يومه الأول حتى يقرر المجتمعون استدعاءه ثانية بصفة رسمية ، لحضور الاجتماع العام ، فيكون بذلك مدعوا لا داعيا ، وبذلك يتجنب ما سيكون من ردود فعل السلطة الفرنسية وأصحاب الزوايا ، ومن يتحرجون من كل عمل يقوم به ابن باديس ".وهكذا تأسست الجمعية, وتشكل مجلسها الإداري المنبثق عن الاجتماع العام ، وانطلق نشاط الجمعية في تنفيذ برنامجها الذي كان قد ضبط محاوره الإمام ابن باديس في الاجتماع الذي عقد عام 1928 مع صفوة من العلماء الذين رجعوا من المشرق ومن تونس ، والذي سبق ذكره ، واستجاب الشعب لهذا البرنامج، وبدا يؤسس المساجد وينشئ المدارس والنوادي بأمواله الخاصة ، ويستقبل العلماء وييسر لهم الاطلاع بمهمتهم .وحتى يسهل الإشراف على متابعة العمل الإصلاحي ، وتنشيط العمل التربوي ، الذي يقدم في المدارس الحرة، التي بدأت تنتشر في أرجاء القطر، كلف الإمام عبد الحميد بن باديس باقتراح من الجمعية الشيخ الطيب العقبي بأن يتولى الإشراف على العمل الذي يجري في العاصمة وما جاورها ، وكلف الشيخ البشير الإبراهيمي بأن يتولى العمل الذي يجري بالجهة الغربية من البلاد ، انطلاقا من تلمسان ، وأبقى بقسنطينة وما جاورها تحت إشرافه شخصيا ، وهكذا تقاسم الثلاثة العمل في القطر كله .وتنفيذا لما تضمنه القانون الأساسي للجمعية تم إحداث فروع لها (شعب) في جهات مختلفة من القطر، ففي السنة الأولى تم تأسيس 22 شعبة ، وفي سنة 1936 كان عدد الشعب 33 شعبة ، أما في سنة 1938 فقد تطور العدد إلى 58 شعبة ، واستمر هذا الجهد التعليمي والإصلاحي رغم العراقيل والاضطهاد الذي كان العلماء والمعلمون عرضة له ، ولكن الملاحظة التي يجب تسجيلها هنا هي أن الشعب أقبل على التعليم الحر بكيفية خارقة للعادة ، لذلك انتشرت المدارس في جميع مدن الجزائر وقراها وبعد مضي ست سنوات من عمر الجمعية ، بادر الإمام عبد الحميد بن باديس بوضع إطار حرّ وشامل للجمعية وهو أشبه بميثاق أو دستور وضعه لتسير على هديه الجمعية في نشاطها الإصلاحي والتعليمي ، فحدد من خلال هذا الإطار ما اسماه "بدعوة جمعية العلماء وأصولها" ونشره في مجلة الشهاب العدد الرابع ، المجلد 13في جوان 1937 ثم طبع ووزع على العموم .من اعضاءها
1 - الرئيس : عبد الحميد بن باديس.:(1889 – 1940 ) و الذي عين رئيسا لها و قد تعرضنا له سابقا.2 - نائب الرئيس : محمد البشير الإبراهيمي : )1889- 1965) في قرية (أولاد إبراهيم و برأس الوادي ) . قرب ولاية ( برج بوعريريج ) . تلقى تعليمه الأوَّلي على يد والده وعمه ، فحفظ القرآن ودرس بعض المتون في الفقه واللغة.في عام 1920 غادر الإبراهيمي دمشق إلى الجزائر ، وبدأ بدعوته إلى الإصلاح ونشر العلم في مدينة (سطيف) ، حيث دعا إلى إقامة مسجد حر غير تابع للإدارة الحكومية وفي عام 1924 زاره ابن باديس وعرض عليه فــكــرة إقامة جمعية العلماء ، وبعد تأسيس الجمعية اُختِير الإبراهيمي نائباً لرئيسها ، وانــتــدب مـــن قِـبـل الجمعية لأصعب مهمة وهى نشر الإصلاح في غرب الجزائر وفى مدينة وهران وهي المعقل الحصين للصوفية الطرفيين، فبادر إلى ذلك وبدأ ببناء المدارس الحرة ، وكان يحاضر في كل مكان يصل إليه، وفي عام 1939 كتب مقالاً في جريدة (الإصلاح) ؛ فنفته فرنسا إلى بلدة (أفلو) الصحراوية ، وبعد وفاة ابن باديس انتخب رئيساً لجمعية العلماء وهو لا يزال في المنفى ولم يُفرج عنه إلا عام 1943، ثم اعتقل مرة ثانية عام 1945 وأفرج عنه بعد سنة . وفى عام 1947 عادت مجلة (البصائر) للصدور ، وكانت مقالات الإبراهيمي فيها في الذروة العليا من البلاغة ومن الصراحة والنقد القاسي لفرنسا وعملاء فرنسا . يقول عن زعماء الأحزاب السياسية: "ومن خصومها (أي الجمعية) رجال الأحزاب السياسية من قومنا من أفراد وأحزاب يضادّونها كلما جروا مع الأهواء فلم توافقهم ، وكلما أرادوا احتكار الزعامة في الأمة فلم تسمح لهم ، وكلما طالبوا تأييد الجمعية لهم في الصغائر - كالانتخابات - فلم تستجب لهم ، وكلما أرادوا تضليل الأمة وابتزاز أموالها فعارضتهم" توفي بعد أن عاش حياة كلها كفاح لإعادة المسلمين إلى دينهم القويم .3 - الكاتب العام : محمد الأمين العمودي : 4-نائب الكاتب العام :الطيب العقبي :ولد في بلدة سيدي عقبة بولاية بسكرة الجزائر عام (1889م) ، هاجر مع عائلته إلى المدينة المنورة وهو ابن 8 سنوات، تلقى العلم في الحرم النبوي الشريف ، عمل مع شريف مكة في جريدة القبلة ، عاد إلى الجزائر عام 1920م . وكان من الأعضاء المؤسسين للجمعية ، كان له نشاط كبير في الدعوة إلى الله حيث كان رحمه الله يتردد على الأماكن العامة كالمقاهي والنوادي الليلية للدعوة إلى الله ، وقد هدى الله على يديه خلق كثير، عرف الشيخ بالجرأة على قول الحق ولا يخاف في ذلك لومة لائم ، بالإضافة إلى نشاطه في مجال الصحافة كان قلمه سيالا بكثرة مقالاته في جريدة الشهاب والبصائر التابعة لجمعية العلماء المسلمين الجزائريين .5 - أمين المال : مبارك الميلي :(1898 – 1945) هو الشيخ مبارك بن محمد إبراهيمي الميلي من مواليد قرية الرمامن الموجودة بجبال الميلية (بناحية سطارة) في الشرق الجزائري ، ولد بتاريخ 26 ماي 1898 م وهناك من يقول سنة 1896 م الموافق لسنة 1316هـ . أبرز الشيخ مبارك الميلي نشاطا كبيرا بكتاباته خصوصا في مقالاته الصحفية التي نشرت في الصحف الجزائرية الناطقة باللغة العربية من بين بينها جريدة المنتقد ، الشهاب ، السنة و البصائر التي كان قد استلم إدارتها من الشيخ الطيب العقبي عام 1935 . تميز الميلي بأسلوبه القوى الواضح ذو النزعة المجددة المناهضة للأحوال المزرية للجزائريين ، خصوصا في الجانب الديني ، الاجتماعي كتب كتابا في 1937 بعنوان رسالة الشرك ومظاهره واصل إدارته بجريدة البصائر حتى منعها الاستعمار مع بداية الحرب العالمية الثانية في 1939 و من مؤلفاته أيضا تاريخ الجزائر في القديم و الحديث مقالات بحوث كتبها في جريدة " الجمعية" ، كتاب "الشرك ومظاهره نشاطه في جمعية العلماء المسلمين سنة 1931 م بالجزائر العاصمة أصبح عضوا في مجلس إدارتها وأمينا لماليتها و كانت له آثاره ومكانته العلمية .عانى الميلي من مرض السكري منذ 1933 و اشتد عليه منذ وفاة شيخه عبد الحميد ابن باديس إلى أن توفي في يوم 9 فبراير (شباط) سنة 1945 .6- نائب أمين المال : إبراهيم بيوض :(1899 – 1981) هو الشيخ إبراهيم بن عمر بيوض ، ولد سنة ( 1313هـ / 1899 م) بالقرارة بولاية غرداية جنوب الجزائر، دخل كتاب القرية فاستظهر القرآن قبل سن البلوغ . ثم أخذ مبادئ العلوم الشرعية و اللغوية على يد مشايخ القرارة المشهورين آنئذ الحاج إبراهيم لبريكي، الحاج عمر بن يحي أمليكي ، و خاصتا الشيخ العلامة أبو العلا عبد الله) . شارك الشيخ بيوض مشاركة فعالة في الثورة التحريرية الجزائرية ، بما قام به من خدمات جليلة سواء في إطار الحركة في الصحراء أم في اتصالاته المباشرة مع الحكومة المؤقتة في المنفى بواسطة تلامذته وإخوانه . أما المجال الذي برز فيه الشيخ بيوض سياسيا محنكا ، ومفاوضا لبقا ، ووطنيا ثابتا فهو موقفه الذي يشهد به الخاص والعام من القضية الصحراوية إذ حاولت فرنسا حين علمت أن الجزائر مستقلة لا محالة أن تمكر بالجزائريين بفصل الصحراء عن الشمال لما في الصحراء من خيرات أهمها البترول و الغاز الطبيعي ، وقد حاولت السلطات الفرنسية سواء على مستوى الجزائر أم على مستوى فرنسا أن تستميل الشيخ بيوض لعلمها بمنزلته العظيمة ولتيقنها بالدور العظيم الذي يقوم به الميزابيون في الاقتصاد الجزائري ، ولكن الشيخ بيوض الذي رفض هذه المحاولات ، وأفشل هذه الخطط قبل الثورة ، ما كان له أن يتلجلج أو يتردد في قول كلمة لا قوية صارخة في وجه الاستعمار الفرنسي إيمانا منه بأن الصحراء أرض جزائرية ، وجزأ لا يتجزأ منها. وكان الشيخ بيوض على صلة وثيقة بالحكومة المؤقتة الجزائرية في تونس ينسق معها الخطط ويطلعها على مؤامرات الفرنسيين أولا بأول ، ويتبادل مع بعض أعضاء الحكومة الرسائل والمعلومات . توفي الشيخ إبراهيم عمربيوض سنة )1401هـ / 1981 م) كما تكونت من أعضاء مستشارين من أهمهم : - المولود الحافظي - الطيب المهاجي.- مولاي بن شريف.- السعيد اليجري.- حسن الطرابلسي.- عبد القادر القاسمي.- محمد الفضيل اليراتني نشاط و اهداف الجمعية
لقد كان ابن باديس ورفاقه أعضاء جمعية العلماء ، من الفصاحة بمكان، حيث أبدوا أشياء وأضمروا أخرى ، مكتفين في تصريحاتهم الرسمية بإعلان الدعوة إلى الإصلاح الديني والتعليمي حذرًا. فقد جاء على لسان رئيسها : (أن الجمعية يجب أن لا تكون إلا جمعية هداية وإرشاد ، لترقية الشعب من وهنت الجهل والسقوط الأخلاقي ، إلى أَوْج العلم ومكارم الأخلاق ، في نطاق دينها الذهبي وبهداية نبيها الأمي ، الذي بُعث ليتمم مكارم الأخلاق ، عليه وآله الصلاة والسلام ، ولا يجوز بحال أن يكون لها بالسياسة وكل ما يتصل بالسياسة أدنى اتصال ، بعيدة عن التفريق وأسباب التفريق...).
ويضيف ابن باديس قائلاً: (إن المسلمين هم السواد الأعظم في وطنهم ، فإذا تثقفوا بالعلم ، وتحلوا بالآداب ، وأُشْرِبُوا حبّ العمل ، وانبعثت فيهم روح النشاط، كان منهم كل خير لهذا الوطن وسكانه على العموم ، بما يُسرّ به الحاكم والمحكوم).
ويختصر لنا الشيخ محمد البشير الإبراهيمي مهمة الجمعية بقوله : (إن المهمة التي تقوم جمعية العلماء المسلمين الجزائريين بأدائها ، وهي السير بهذه الأمة إلى الحياة عن طريق العلم والدين ، هي أقوم الطرق وأمثلها وأوفقها لمزاج الأمة...) . و لقد ركّزت الجمعية في مراحلها الأولى على الأهداف التالية: 1 - إصلاح عقيدة الشعب الجزائري ، وتنقيتها من الخرافات والبدع ، وتطهيرها من مظاهر التخاذل والتواكل التي تغذيها الطرق الصوفية المنحرفة .
2 - محاربة الجهل بتثقيف العقول ، والرجـوع بها إلى القــرآن والسنــة الصحيحة ، عن طريق التربية والتعليم .
3 - المحافظة على الشخصيـــة العربيــة الإسلاميــة للشعـب الجزائـــري ، بمقاومة سياسة التنصير والفرنسة التي تتبعها سلطات الاحتلال.
4 - تنظيم حملة جارفة على البدع والخرافات والضلال في الدين ، بواسطة الخطب والمحاضرات ، ودروس الوعظ والإرشاد ، في المساجد ، والأندية ، والأماكن العامة والخاصة ، حتى في الأسواق ، والمقالات في جرائدنا الخاصة التي أنشأناها لخدمة الفكرة الإصلاحية .
5 - الشروع العاجل في التعليم العربي للصغار، فيما تصل إليه أيدينا من الأماكن ، وفي بيوت الآباء ، ربحًا للوقت قبل بناء المدارس .
6 - تجنيد المئات من تلامذتنا المتخرجين ، ودعوة الشبان المتخرجين من جامع الزيتونة للعمل في تعليم أبناء الشعب.
7 - العمل على تعميم التعليم العربي للشبان ، على النمط الذي بدأ به ابن باديس .
8 - مطالبة الحكومة برفع يدها عن مساجدنا ومعاهدنا التي استولت عليها ، لنستخدمها في تعليم الأمة دينها ، وتعليم أبنائها لغتهم .
9 - مطالبة الحكومة بتسليم أوقاف الإسلام التي احتجزتها ووزعتها ، لتصرف في مصارفها التي وُقِفَت عليها . (وكانت من الكثرة بحيث تساوي ميزانية دولة متوسطة) .
10 - مطالبة الحكومة باستقلال القضاء الإسلامي ، في الأحوال الشخصية مبدئيًا .
11 - مطالبة الحكومة بعدم تدخلها في تعيين الموظفين الدينيين .
الخاتمة
تعرضت الجمعية لعدة مضايقات من طرف الحكم الاستعماري ، ولكن مع هذا لم تحل نفسها وظلت متشبثة بوجودها طيلة فترة الوجود الفرنسي ، وحتى عندما افتعل الفرنسيون قضية اغتيال الشيخ عمر دالي ، المفتي الجزائري سنة 1930 واتهموا قادة الجمعية باغتياله ، واعتقلوا العديد منهم على رأسهم الشيخ بن باديس والشيخ محمد البشير الإبراهيمي ، وقدموا للمحاكمة ، ولكن بفضل الله سبحانه وتعالى برئوا من هذه الفعلة الشنيعة ، وعندما خرج الشعب الجزائري في أواخر سنوات الأربعينات في مظاهرات صاخبة للمطالبة بحق تقرير المصير، اعتقل العديد من الزعماء الوطنيين ومن بينهم علماء الدين ، ولكن مع هذا استمر نشاط الجمعية وأسست معهد عبد الحميد بن باديس بالقسنطينة ، وفتحت العديد من المدارس ، وأرسلت بعثات الطلاب إلى المشرق وخاصة الأزهر الشريف . واستمر الحال هكذا إلى أن استقلت الجزائر سنة 1962، وجمد نشاط الجمعية ضمن نشاط كل الجمعيات والهيئات والأحزاب وأعلنت شعارها «إن الإسلام ديننا والعربية لغتنا وان الجزائر وطننا» وكان هدف الجمعية هو بعث أمجاد الإسلام والعروبة ، وكان نشاطها يعتمد على إنقاذ الشباب من براثن الثقافة الفرنسية ، كما عرفت الحركة الدينية الإصلاحية في الجزائر طيلة تاريخها بأنها حركة معتدلة تقوم على الدعوة بالتي هي أحسن ، وساهمت بشكل كبير في بلورة الوعي الديني في الجزائر، ذلك بتأسيس النوادي وفتح العديد من المدارس في مختلف المدن والقرى الجزائرية ، وتوجه العلماء نحو المساجد لبث الدعوة مما جعل الحكم الاستعماري يتصدى لهذه الحركة ، فأغلق المدارس ومنع العلماء من ممارسة نشاطهم .الفهرس
المقدمة مؤسسو جمعية العلماء المسلمين كيفية تاسيس الجمعية من أهم اعضائها التعريف الكامل بالأعضاء نشاط و أهداف الجمعية الخاتمة الفهرس