الداعية لبلدها عضو جديد
عدد الرسائل : 34 العمر : 27 واش تسيبورتي : مانسيبورتيش البلد : المهن : الهواية : المزاج : كيف تعرفت علينا؟ : صديقة دعاء : نقاط : 53056 تاريخ التسجيل : 25/05/2010
| موضوع: مغزى الحياة الإثنين يونيو 14, 2010 10:55 am | |
| [size=18] <H1 align=center>مغزى الحياةما المغزى من وجود الإنسان في هذه الحياة؟ وهل ثمة شيء مؤكّد فيها؟ وماذا يوجد بعدها؟ إن مثل هذه الأسئلة وغيرها شغلت بال المفكِّرين والفلاسفة منذ الأزل، ويبدو أنهم، حتى هذه اللحظة، لم يجدوا إجابات نهائية مقنعة عنها. ويعتقد الفيلسوف الروسي ديمتري تيلي أن محور حياة الإنسان يتمثل في علاقته بالعالم، ومن ثم يمكن اشتقاق الأفرع الأساسية للفلسفة من الأسئلة التالية التي توجّهها ‘’الأنا’’ للعالم: ما طبيعتكَ أيها الكون؟ (علم الوجود)؛ كيف يمكنني معرفتُكَ؟ (الابستومولوجيا)؛ كيف ينبغي أن أفكر في تلك الأثناء (المنطق)؟ على أيِّ القيم يجب أن أستند حينها؟ (الأكسيولوجيا)[1] . ويرى تيلي أن السؤال حول المغزى الحقيقي لحياة الإنسان نابع من معضلة المحدودية، فثمة حدود زمنية للحياة، وبالتالي فإن الإجابة عنه تنطوي على مسألة الموت، ولو سألتَ شخصاً ما: كم سنةً تريد أن تعيش؟ فسيجيبك على الفور: قرناً فأكثر!، مما يعني أن ذاكرة الإنسان الشخصية هي الأخرى محدودة، ولكن لحسن الحظ توجد ذاكرة أخرى ذات طابع غير بيولوجي تُدعى الثقافة، فالذات الفردية، بمزاياها الفريدة المنقطعة النظير، لا تزول، بل تلتحق تلقائياً بالموروث الثقافي للبشرية. لكن نفراً ضئيلاً من الناس يعيشون الحياة من أجل تضمّهم الذاكرة الثقافية إلى قائمتها الفريدة. فأكثرية الناس يعيشون من أجل تحقيق شيء أو هدف معيّن في الحياة: بعضهم يعتقد أن حياته يمكن أن تكون ذات مغزى إذا كانت مترعةً بالحب، حيث تقول الأسطورة إن الشخص الذي وجد الحب الحقيقي هو وحده الذي سيصل إلى مرتبة الخلود، وهنا ينبثق السؤال: ما مغزى الحب نفسه؟ إن انشغال الإنسان بالتفكير بشأن موضوع الحب يقوده موضوعياً إلى التفكير في كيفية تحقيق اللذة الحسيّة، لكن الحب في المقابل هو أسطع تعبيرا عن الإبداع الحقيقي، فالحب قرين الإبداع، والسؤال: ما مغزى الإبداع؟ إن الإنسان يلاقي ضروباً من العذاب في سعيه لتجسيد الإبداع، لكنه سرعان ما يفطن إلى حقيقة أن الثقافة ليست هي مجرّد إنقاذ لهويّته أو فردانيته، بل نكبة لها. ففي ذاكرة الفنان التشكيلي مثلاً توجد فكرة ‘’ العالم الجديد ‘’أو’’ عالم المستقبل’’، لكنه عاجز عن تجسيد هذا العالم على أرض الواقع الملموس، وعذابات المبدع لا تتحول، في نهاية المطاف، إلى بيئةٍ أو كينونةٍ جديدةٍ بل إلى كتبٍ أو رواياتٍ أو سيمفونياتٍ تُطرب آذان الملايين، كما هو الحال مع الموسيقار الألماني الشهير بيتهوفن. إن الحب والإبداع اللذين ينبعان من واقع إدراك الإنسان لحتميّة فنائه يعبِّران، بمنظور تيلي، عن حيوية الإنسان ونضوجه، فالعاشق والمبدع لا يبصران لأن كلا منهما منغمس حتى النخاع في عالمه الفريد، ولكن حتى لو لقي الإنسان الحب المنشود، وعاش مع المحبوب عمراً مديداً في سعادةٍ وحبورٍ، إلا أنه سينظر في خريف العمر إلى ما حصده في مشوار حياته الصاخبة بعيونٍ أخرى، ويشرع في توجيه الأسئلة المؤرقة لنفسه: لماذا درستُ هذا التخصّص دون غيره؟ لماذا أصبحت هذه الإنسانة، على وجه التحديد، شريكةً لحياتي؟ لماذا لم يلجأ أي من أبنائي إلى اختيار مهنتي، رغم أنها تعتبر مهنةً راقيةً ومربحةً في المجتمع؟ إن الحديث هنا يدور عن منظومة القيم، وأي منها كانت القيمة الأساسية لحياته. ومن هذا المنطلق يشرع الإنسان - متأخراً - في إعادة النظر في القيم الحياتية، وقد يقوده ذلك إلى التفكير في كيفية إضفاء الجوانب الروحية على حياته الزائلة، فيجد نفسه يتردّد على دور العبادة، باعتبار أن الفرائض الدينية تقع في قمة الهرم القيمي وتمثِّل علامةً فاصلةً في حياة الفرد. ولو سُئل حينها عمّا تمثله القيم الروحية في حياته لأجاب: إنها بالنسبة له الخير، والجمال، والحقيقة. فإذا جرّب الحب فعلاً، فقد عذّبه السؤال حول ماهية الخير، وإذا كان في الوقت نفسه مبدعاً، فقد تفــكّر في مفهوم الجمال، أما الحقيقة فهي موضوع التفكير المفضّل لدى الفلاسفة، وهكذا عُدنا من حيث بدأنا! ربما يتفق معي القارئ بأن حياتنا ستكون رتيبّةً، وخاليةً من المغزى، ولن تستحق أن تُعاش لو أننا تمكننا بالفعل من تقديم إجابات قاطعة ونهائية عن الأسئلة الفلسفية الخالدة المعروضة أعلاه، ولهذا فإن الإنسان سيظّل يبحث طوال حياته عن بعض الإجابات ‘’ المؤقتة ‘’، عسى أن يسعفه ذلك في استيعاب مفاهيم تبدو واضحةً وبسيطةً، لكنها على درجةٍ كبيرةٍ من الغموض والتعقيد، فما هو الخير؟ وما المقصود بالجمال؟ وأين هي الحقيقة في الأقوال والأفعال؟ مع ذلك، لا أملك ذرةً من الشك في أن معاودة التفكير في مثل هذه القيم والمفاهيم هي التي ستمنح حياة الإنسان مضموناً أعمق، وشكلاً أبهى!
</H1> | |
|